للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حُدِّثتُ عن يحيى بن واضحِ، عن أبي حمزةَ، عن جابرٍ، عن عكرمةَ والحكمِ ابن عتيبةَ: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ﴾. قالا (١): أشرَّ الأصواتِ.

قال جابرٌ: وقال الحسنُ بنُ مسلمٍ: أشدَّ (٢) الأصواتِ.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾. قال: لو كان رفعُ الصوتِ هو خيرًا ما جعَله للحميرِ (٣).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معناه: إِنَّ أقبحَ أو أشرَّ (٤) الأصواتِ، وذلك نظيرُ قولِهم إذا رأَوا وجهًا قبيحًا أو منظرًا شنيعًا: ما أنكَر وجهَ فلانٍ، وما أنكرَ منظرَه!

وأما قولُه: ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾. فأُضِيف الصوتُ وهو واحدٌ إلى الحميرِ وهى جماعةٌ؛ فإن بذلك وجهين؛ إن شِئْتَ قلْتَ: الصوتُ بمعنى الجمعِ، كما قيل: ﴿لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٠]. وإن شِئْتَ قلْتَ: معنى الحميرِ معنى الواحدِ؛ لأن الواحدَ في مثل هذا الموضِعِ يُؤَدِّي عما يُؤَدِّي عنه الجمعُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا


(١) في م: "قال".
(٢) في ت ٢: "أشر".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٦٧ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "أشد".