للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في: ﴿نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾: نُبَيِّنُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء المشركين بربِّهم مِن قومِك، العادِلِين به الأوثان والأندادَ الذين يَدْعُونك إلى موافقتِهم على دينِهم، وعبادةِ الأوثانِ -: إن اللهَ نهاني أن أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ مِن دونِه، فلن أَتَّبِعَكم على ما تَدْعُونني إليه من ذلك، ولا أُوافِقَكم عليه، ولا أُعْطِيَكم محبَّتَكم وهواكم فيه، وإن فعَلْتُ ذلك فقد ترَكْتُ مَحَجَّةَ الحَقِّ، وسلَكْتُ على غير الهُدَى، فصِرْتُ ضالًّا مثلَكم على غير استقامةٍ.

وللعربِ في "ضَللْتُ" لغتان؛ فتحُ اللامِ وكسرُها، واللغةُ الفصيحةُ المشهورةُ هي فتحُها، وبها قرَأ عامةُ قرأة الأمصار، وبها نَقْرأُ؛ لشهرتِها في العربِ، وأما الكسرُ فليس بالغالبِ في كلامِها، والقرأةُ بها قليلون (١)، فمَن قال: "ضلَلْتُ" قال: أَضِلُّ. ومَن قال: "ضلِلْتُ" قال في المستقبلِ: أَضَلُّ. وكذلك القراءةُ عندَنا في سائرِ القرآنِ ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا﴾ [السجدة:١٠] بفتحِ اللامِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (٥٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاء العادِلين بربِّهم، الداعِين لك إلى الإشراكِ بربِّك: ﴿إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ أي: إني على بيانٍ قد تبَيَّنْتُه، وبرهانٍ قد وضَح لي ﴿مِنْ رَبِّي﴾. يقولُ: مِن توحيدِه (٢)، وما أنا عليه مِن


(١) وهي قراءة شاذة، قرأ بها السلمي وابن وثاب وطلحة. البحر المحيط ٤/ ١٤٢.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "توحيدي".