للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا مُعْتَمِرُ بنُ سليمانَ، عن إياسِ بن دَغْفَلٍ، عن الحسنِ: ما شاوَر قومٌ قَطُّ إِلا هُدُوا لأَرْشَدِ أُمورِهم (١).

وقال آخَرون: إنما أمَرَه اللهُ جلَّ ثناؤه بمُشاوَرَةِ أصحابِه فيما أمَره بمُشاوَرتِهم فيه، مع إغنائه (٢) - بتَقويمِه إياه (٣)، وتدْبيرِه أسبابَه - عن آرائِهم؛ ليَتَّبِعَه المؤمنون مِن بعدِه فيما حزَبَهم مِن أمْرِ دينِهم، فيَسْتَنُّوا بسنتِه في ذلك، ويَحْتَذُوا المثالَ الذي رأَوْهُ يَفْعَلُه في حياتِه، مِن مُشاورتِه في أمورِه - مع المَنزِلةِ التي هو بها مِن اللهِ ﷿ أصحابَه وتُبَّاعَه في الأمرِ يَنْزِلُ بهم مِن أمرِ دينِهم أو دُنْياهم، فيَتَشاوَرُوا بينَهم، ثم يَصْدُرُوا عما اجْتَمَع عليه ملؤهم؛ لأن المؤمنين إذا تَشاوَرُوا في أمورِ دينِهم مُتَّبِعين الحقَّ في ذلك، لم يُخْلِهم اللهُ جلَّ ثناؤُه مِن لُطْفِه، وتوفيقِه للصوابِ مِن الرأيِ والقولِ فيه. قالوا: وذلك نظيرُ قولِه جل ثناؤُه الذي مدَح به أهلَ الإيمانِ: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨].

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا سوَّارُ بنُ عبدِ اللهِ العَنْبَرِيُّ، قال: قال سفيانُ بنُ عُيَينةَ في قولِه: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾. قال: هي للمؤمنين أن يَتَشاوَروا فيما لم يَأْتِهم عن النبي فيه أَثَرٌ.

قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك أن يُقالَ: إِن الله جلَّ ثناؤه أمَر نبيَّه بمُشاوَرةِ أصحابِه فيما حزَبه مِن أمرِ عدوِّه، ومَكايِدِ حربِه؛ تألُّفًا منه بذلك


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ١٠ من طريق إياس بن دغفل به، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (٢٥٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠١ (٤٤١٤) بإسنادين إلى الحسن.
(٢) في ت ٢، س: "إعفائه".
(٣) بعده في الأصل، ت ١، ٢، ت ٣، س: "عنهم".