للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضُرُّكم، وأنتم قد علمتُم أنها لم تمنَعُ نفسَها ممن أرادَها بسُوءٍ، ولا هي تقدِرُ أن تَنْطِقَ إن سُئِلَت عمن يأتِيها بسُوءٍ فَتُخْبِرَ به، أفلا تَسْتَحْيون مِن عبادةِ ما كان هكذا؟.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ﴾ الآية: يقولُ يرحمُه اللهُ: ألَا تَرَون أنهم لم يَدْفَعوا عن أنفسِهم الضُّرَّ الذي أصابَهم، وأنهم لا يَنْطِقون فيُخْبِرونكم مَن صنَع ذلك بهم، فكيف يَنْفَعونكم أو يَضُرُّون (١).

وقولُه: ﴿أُفٍّ لَكُمْ﴾. يقولُ: قُبْحًا لكم وللآلهةِ التي تَعْبُدون مِن دونِ اللَّهِ. أفلا تَعْقِلُون قُبْحَ ما تَفْعَلون مِن عبادتِكم ما لا يضُرُّ ولا ينفعُ، فتَتْرُكوا عبادتَه، وتَعْبُدوا الله الذي فَطَر السماواتِ والأرضَ، والذي بيدِه النفعُ والضَّرُّ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال بعضُ قوم إبراهيمَ لبعض: حَرِّقوا إبراهيمَ بالنار: ﴿وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾. يقولُ: إن كنتم ناصِرِيها، ولم تُرِيدوا تَرْكَ عبادتِها.

وقيل: إن الذي قال ذلك رجلٌ مِن أكرادِ فارسَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في قولِه:


(١) تقدم تخريجه في ص ٢٩٧.