للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشرفِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يَعْنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَلَا﴾: فليس الأمرُ كما يَزْعُمون أنهم يؤمنون بما أُنْزِل إليك، وهم يحتكِمون إلى الطاغوتِ، ويَصُدُّون عنك إذا دُعُوا إليك يا محمدُ. ثم (٢) اسْتَأْنَف القَسَمَ جلَّ ثناؤُه، فقال: ﴿وَرَبِّكَ﴾ يا محمدُ، ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾. أي: لا يُصَدِّقون بي وبك وما أنزلتُ إليك، ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾. يَقُولُ: حتى يَجْعَلُوك حكَمًا بينهَم فيما اختلَط بينَهم مِن أمورِهم، فالْتَبَس عليهم حُكْمُه.

يُقَالُ منه (٣): شجَر يَشْجُرُ شُجُورًا [وشَجْرًا] (٤)، وتشاجَر القومُ، إذا اختلَفوا في الكلامِ والأمرِ، مُشاجرةً وشِجارًا.

﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ﴾. يقولُ: ثم لا يَجِدوا في أنفسِهم ضِيقًا مما قضَيت. وإنما معناه: ثم لا تَخْرَجُ أنفسُهم مما قضَيت. أي: لا تأْثَمُ بإنكارِها ما قضيتَ، وشكِّها في طاعتِك، وأن الذي (٥) قضَيت به بينَهم حقٌّ لا يَجُوزُ لهم خلافُه.


(١) تفسير مجاهد ص ٢٨٦، ومن طريقه أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٩٣ (٥٥٥٦)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٠ إلى ابن المنذر.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "و".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) بعده في الأصل: "قضيته".