للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَزَلَت في النبيِّ ، واخْتَصَم إليه رجلان؛ غنيٌّ وفقيرٌ، فكان ضَلْعُه (١) مع الفقيرِ؛ يَرَى أن الفقيرَ لا يَظْلِمُ الغنيَّ، فأبَى اللهُ إلا أن يقومَ بالقِسْطِ في الغنيِّ والفقيرِ، فقال: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ الآية (٢).

وقال آخرون في ذلك نحوَ قولِنا: إنها نَزَلَت في الشهادةِ. أمرًا مِن اللهِ المؤمنين أن يُسَوُّوا في قيامِهم بشهاداتِهم لمَن قاموا له (٣) بها بينَ الغنيِّ والفقيرِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾. قال: أمَر اللهُ سبحانَه المؤمنين أن يقولوا الحقَّ ولو على أنفسِهم أو آبائِهم أو أبنائِهم، ولا يُحابُوا غنيًّا لِغِناه، ولا يَرْحَموا مسكينًا لمَسْكنتِه، وذلك قولُه: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾. فَتَذَرُوا الحقَّ فتَجُورُوا (٤).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا سُويدُ بنُ نَصْرٍ، قال: أخبَرنا ابن المُباركِ، عن يونسَ، عن ابن شهابٍ في شهادةِ الوالدِ لولدِه وذى القَرابةِ، قال: كان ذلك فيما مَضَى من السُّنَّةِ في سَلَفِ المسلمين، وكانوا يَتأوَّلون في ذلك قولَ اللَّهِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا


(١) ضلعه: ميله. النهاية ٣/ ٩٦.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٨٦، ١٠٨٨ (٦٠٧٨، ٦٠٨٨) من طريق أحمد بن المفضل به.
(٣) سقط من: ص، ت ٢.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٨٦، ١٠٨٨ (٦٠٧٧، ٦٠٨٧، ٦٠٩٠)، والبيهقى ١٠/ ١٥٨ من طريق عبد الله بن صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٤ إلى ابن المنذر.