للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾. قال: إن الله عَرَض عليهن الأمانةَ؛ أن يفترضَ عليهن الدينَ، ويجعلَ لهن ثوابًا وعقابًا، ويَسْتأمنَهنَّ على الدينِ، فقلنَ: لا، نحن مسخَّراتٌ لأمرِك، لا نريدُ ثوابًا ولا عقابًا. قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: "وعَرَضَها اللَّهُ على آدمَ، فقال: بينَ أُذُنى وعاتِقى". قال ابن زيدٍ: فقال اللَّهُ له: أمَّا إذا تَحَمَّلتَ هذا، فسأُعِينُك؛ أجعلُ لبصرِك حجابًا، فإذا خشيتَ أن تنظرَ إلى ما لا يحلُّ لك، فأَرْخِ عليه حجابَه، وأجعلُ للسانِك بابًا وغَلَقًا، فإذا خَشِيتَ فأغِلقْ، وأجعلُ لفَرْجِك لباسًا، فلا تَكْشِفْه إلَّا على ما أحللتُ لك (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾. يعني به الدينَ [والفرائضَ] (٢) والحدودَ: ﴿فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾. قيل لهن: احمِلْنَها تُؤَدِّين حقَّها، فقُلْنَ: لا نُطِيقُ ذلك، ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾. [قيل له: أتحمِلُها؟ قال: نعم. قيل: أتؤدِّى حقَّها؟ قال: نعم. قال اللَّهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾] (٢) عن حقَّها (٣).

وقال آخرون: بل عنَى بالأمانةِ في هذا الموضعِ أماناتِ الناسِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا تميمُ بنُ المنتصرِ، قال: ثنا إسحاقُ، عن شَرِيكٍ، عن الأعمشِ، عن


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٤٧٨، ٤٧٩ عن المصنف.
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٢٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.