للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن ذكرَ الإغراءِ في خبرِ اللهِ عن النصارى بعدَ تقَضِّى خبرِه عن اليهودِ، وبعد ابتدائِه خبرَه عن النصارى، [فأن لا] (١) يكون ذلك معنيًّا به إلا النصارى خاصَّةً، أولى من أن يكونَ معنيًّا به الحزبان جميعًا؛ لما ذكَرنا.

فإن قال قائلٌ: وما العداوةُ التي بينَ النصارى فتكونَ مخصوصةً بمعنى ذلك؟ قيل: ذلك عداوةُ النَّسْطوريَّةِ واليعقوبيَّةِ المَلِكيَّةَ (٢)، والمَلِكيةِ (٣) النَّسْطوريةَ واليعقوبيَّةَ. وليس الذي قاله من قال: معنيٌّ بذلك إغراءُ اللهِ بينَ اليهودِ والنصارى - ببعيدٍ، غيرَ أن هذا أقربُ عندى وأشبهُ بتأويلِ الآيةِ؛ لما ذكَرنا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا (١٤)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : اعفُ عن هؤلاء الذين همُّوا ببسطِ أيديهم إليك وإلى أصحابِك، واصْفَحْ، فإن الله من وراءِ الانتقامِ منهم، وسينبِّئُهم اللهُ عندَ ورودِهم (٤) عليه في مَعادِهم بما كانوا في الدنيا يصنَعون، من نقضِهم ميثاقَه، ونكثِهم عهدَه، وتبديلِهم كتابَه، وتحريفِهم أمرَه ونهيَه، فيُعاقبُهم على ذلك حَسَبَ استحقاقِهم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.

يقولُ عزَّ ذكرُه لجماعةِ أهلِ الكتابِ من اليهودِ والنصارى، الذين كانوا في


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فلا".
(٢) سقط من: م، س، وفى ت ١: "الملايكة".
(٣) في س: "الملكانية".
(٤) بعده في م: "الله".