للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾. قال: قدَّر ذلك على قدرِ مسائلِهم؛ يعلمُ ذلك أنه لا يكونُ من مسائِلهم شيءٌ، إلا شيءٌ قد علِمه قبلَ أن يكونَ.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأتْه عامَّةُ قرأةِ الأمصارِ، غيرَ أبي جعفرٍ والحسنِ البصريِّ: ﴿سَوَاءً﴾ بالنصبِ. وقرَأه أبو جعفرٍ القارئُ: (سَوَاءٌ) بالرفعِ. وقرأ الحسنُ (سَوَاءٍ) بالخفضِ (١).

والصوابُ من القراءةِ في ذلك ما عليه قرأةُ الأمصارِ، وذلك قراءتُه بالنصبِ؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه، ولصحةِ معناه، وذلك أن معنى الكلامِ: وقدَّر فيها أقواتَها سواءً لسائلِيها، على ما بهم إليه الحاجةُ، وعلى ما يُصلحُهم.

وقد ذُكِر عن ابن مسعودٍ أنه كان يقرَأُ ذلك: (وَقَسَّم فيها أَقْوَاتَها) (٢).

وقد اختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ نصبِ ﴿سَوَاءً﴾؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: من نصَبه جعَله مصدرًا، كأنه قال: استواءً. قال: وقد قُرِئ بالجرِّ، وجُعِل اسمًا للمستوياتِ، أي: في أربعةِ أيامٍ تامَّةٍ. وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ: مَن خفَض ﴿سَوَاءً﴾ جعَلها من نعتِ الأيامِ، وإن شئتَ من نعتِ الأربعةِ، ومَن نصَبها جعَلها متصلةً بالأقواتِ. قال: وقد تُرفعُ كأنه ابتداءٌ، كأنه قال: ذلك سَوَاءٌ للسائلينَ. يقولُ: لمن أراد علمَه.

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يكون نصبُه إذا نُصِب حالًا من الأقواتِ، إذ كانت ﴿سَوَاءً﴾ قد شُبِّهت بالأسماءِ النكرةِ، فقيل: مرَرتُ بقومٍ سواءٍ. فصارت


(١) قرأ نافع وابن كثير وحمزة والكسائي وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وخلف "سواءً". بالنصب، وقرأ أبو جعفر "سواء". بالرفع، وقرأ يعقوب والحسن بالخفض. النشر ٢/ ٢٧٤، والإتحاف ص ٢٣٥.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ١٢.