للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عُبيدٍ، وكان أبو زيدٍ يقولُ: إنما تقولُ العرب ذلك للكلام يَبتَدِئُه (١) الرجلُ لم يكن أعدَّه قبل ذلك في نفسه (٢).

قال أبو عبيد (٣): واخترعته (٤) مثل ذلك (٢).

القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)﴾.

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد : قل يا محمد للقائلين لك إذا لم تأتهم بآيةٍ: هلّا أحدثتها من قبل نفسك: إن ذلك ليس لِي، ولا يجوز لي فِعْلُه؛ لأن الله إنما أمرنى باتِّباع ما يُوحى إليَّ من عنده، فإنما أتبع ما يوحَى إليّ من ربِّي؛ لأنى عبده، وإلى أمرِه أَنتَهى، وإيَّاه أُطيعُ، ﴿هَذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ﴾. يقولُ: هذا القرآن والوحى الذي أتلوه عليكم - ﴿بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ﴾. يقولُ: حُججٌ عليكم، وبيان لكم من ربِّكم، واحدتها: بصيرةٌ، كما قال جل ثناؤه: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [الجاثية: ٢٠]. وإنما ذكر هذا ووحَّد في قولِه: ﴿هَذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ﴾. لما وصفتُ من أنه مراد به القرآن والوحىُ.

وقوله: ﴿وَهُدًى﴾. يقولُ: وبيانٌ يهدى المؤمنين إلى الطريق المستقيم، ورحمةٌ رَحِمَ الله به عبادَه المؤمنين، فأنقذهم به من الضلالةِ والهَلَكَةِ، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ: هو بصائرُ من الله وهدى ورحمةٌ لمن آمن، يقولُ: لمن صدَّقَ بالقرآن أنه تنزيل الله ووحيه، وعمل بما فيه دونَ مَن كذَّبَ به وجحدَه، وكفرَ به، بلْ هو على الذين لا يؤمنون به غمٌّ وخِزْىٌ.


(١) في ص، ف: "البدية"، وفى م: "بيديه". والمثبت من التبيان.
(٢) ذكره الطوسي في التبيان ٥/ ٦٦.
(٣) في التبيان: "أبو عبيدة".
(٤) في م: "اخترعه".