للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتَذِلُّون له بالطاعةِ، وإنَّ من طاعتِه أَن تُخْلِصوا (١) له العبادةَ، ولا تُشْرِكوا في طاعتِكم إياه وعبادتِكموه شيئًا سِوَاه، فإن العبادةَ لا تَصْلُحُ لغيرِه، ولا تَنْبَغى لشيءٍ سِواه.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: فإن استكبَر يا محمدُ هؤلاء الذين أنت بينَ أَظْهُرِهم من مشرِكي قريشٍ، وتَعَظَّموا عن أن يَسْجُدوا للَّه الذي خلَقهم وخلقَ الشمسَ والقمرَ، فإن الملائكةَ الذين عندَ ربِّك لا يَسْتَكْبِرون عن ذلك، ولا يَتَعَظَّمون عنه، بل يسبحون له، ويُصَلُّون ليلًا ونهارًا، ﴿وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾. يقولُ: وهم لا يَفْتُرون عن عبادتِهما، ولا يَمَلُّون الصلاةَ له.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾. قال: يعنى محمدًا، يقولُ: عبادي ملائكةٌ صافُّون، يُسَبِّحون ولا يَسْتَكْبِرون (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومن حُجَجِ اللَّهِ أيضًا وأدلتِه على قدرتِه على نشرِ الموتى من


(١) في ت ٢: "تتخلصوا"، وفى ت ٣: "يخلصوا".
(٢) تقدم بنحوه في ١٩/ ٦٥٤.