للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَعَذَّرُ عليه فعلُ شيءٍ شَاءَه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)﴾.

يعنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا﴾: إن الذين يمَيلون عن الحقِّ في حُجَجِنا وأدلَّتِنا، ويَعْدِلون عنها؛ تكذيبًا بها وجحودًا لها.

وقد بيَّنتُ فيما مضَى معنى اللَّحْدِ بشواهدِه المغنيةِ عن إعادتِها في هذا الموضع (١). وسنَذْكُرُ بعضَ اختلافِ المختلفِين في المرادِ به من معناه في هذا الموضعِ.

اختلَف أهلُ التأويلِ في المرادِ من معنى الإلحادِ في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: أُريدَ به معارضةُ المشركين القرآنَ باللُّغَطِ والصفيرِ استهزاءً به.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا﴾. قال: المُكَا، وما ذُكر معه (٢).

وقال آخرون: أُريد به الخبرُ عن كذبِهم في آياتِ اللَّهِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ


(١) ينظر ما تقدم في ١٠/ ٥٩٨.
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٨٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور - ص ٣٧١ كما في المخطوطة المحمودية - إلى عبد بن حميد وابن المنذر.