للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقالُ منه: ساحَ فلانٌ في الأرضِ يَسِيحُ، سياحةً وسُيُوحًا وسَيَحانًا.

وأما قوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾. فإنه يقولُ لأهل العهدِ مِن المشركين (١) الذين كان بينَهم وبينَ رسولِ اللهِ عَهْدٌ قبل نزولِ هذه الآيةِ: اعلَموا، أيُّها المُشْرِكون، أنكم إن سِحْتُم في الأرضِ، واخْتَرْتم ذلك مع كُفْرِكم بالله، على الإقرارِ بتَوحيدِ اللهِ وتَصْديقِ رسولِه: ﴿غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾. يقولُ: غيرُ مُفِيتِيه بأنفسِكم؛ لأنكم حيثُ ذَهَبْتم وأينَ كنتم مِن الأرضِ، ففى قَبْضتِه وسُلطانه، لا يَمْنَعُكم منه وزيرٌ، ولا يحول بينكم وبينَه إذا أرادَكم بعذابٍ مَعْقِلٌ ولا مَوْئِلٌ إلا الإيمانُ به وبرسوله، والتوبةُ مِن مَعْصِيتِه. يقولُ: فبادروا عُقوبته بتوبةٍ، ودَعُوا السياحةَ التي لا تَنْفَعُكم.

وأما قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾. يقولُ: واعلموا أن اللَّهَ مُذِلُّ الكافرين، ومُورِثُهم العارَ في الدنيا، والنارَ في الآخرة.

القول في تأويل قوله: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإعلامٌ من الله ورسوله إلى الناسِ يومَ الحَجِّ الأكبرِ.

وقد بَيَّنَّا معنى الأذانِ، فيما مَضَى مِن كتابنا هذا بشَواهِدِه (٢).

وكان سليمانُ بنُ موسى يقولُ في ذلك ما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: زَعَمَ سليمانُ بنُ موسى الشَّامِيُّ أن


(١) ليست في: م.
(٢) تقدم في ١٠/ ٢٠٦.