﴿وَلُومُوا أَنفُسَكُم﴾ عليها. ﴿ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ﴾. يقولُ: ما أنا بمُغِيثِكم. ﴿وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيِّ﴾، ولا أنتم بمُغِيثيَّ من عذابِ اللَّهِ فَمُنْجِيَّ منه. ﴿إنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ﴾. يقولُ: إنى جَحَدتُ أن أكون شريكًا للهِ فيما أشركتموني فيه من عبادتِكم ﴿مِن قَبْلُ﴾ في الدنيا. ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: إِنَّ الكافرين باللَّهِ ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ من اللَّهِ، مُوجِعٌ.
يقالُ: أَصْرَخْتُ الرجلَ. إذا أَغَثْتَه. إصْرَاخًا. وقد صرخ الصارحُ يَصْرُخُ، ويَصْرَخُ قليلةً، وهو الصَّرِيخُ والصُّرَاخُ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر في هذه الآية: ﴿مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾. قال: خَطِيبانِ يَقُومَان يومَ القيامةِ؛ إبليس، وعيسى ابن مريم؛ فأما إبليس فيقوم في حزبه، فيقولُ هذا القول؛ وأما عيسى ﵇ فيقولُ: ﴿مَا قُلْتُ لَهَم إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)﴾ [المائدة: ١١٧](١).
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، عن داود، عن الشَّعْبيِّ، قال: يقومُ خطيبان يوم القيامةِ؛ أحدهما عيسى، والآخرُ إبليس؛ فأما إبليس فيقومُ في حزبه فيقولُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقَّ﴾. فتلا داود حتى بلغ: ﴿بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ﴾. فلا أدرى أتم الآية أم لا؛ وأما عيسى ﵇ فيقال له:
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٥ إلى المصنف وابن المنذر.