للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء به مِن عندِ اللهِ يَهْدِى إلى الحقِّ وإلى طريقٍ مستقيمٍ، ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. يَقُولُ: ويَتَّبِعْ طريقًا غيرَ طريقِ أهلِ التصديقِ، ويَسْلُكْ منهاجًا غيَر منهاجِهِم، وذلك هو الكفرُ باللهِ؛ لأن الكفرَ باللهِ وبرسولِه غيُر سبيلِ المؤمنين وغيرُ منهاجِهم، ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾. يَقُولُ: نَجْعَلْ ناصرَه ما استَنْصَرَه واستَعَان به مِن الأوثانِ والأصنامِ، وهى لا تُغْنيه ولا تَدْفَعُ عنه مِن عذابِ اللَّهِ شيئًا، ولا تَنْفَعُه.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾. قال: مِن [آلهةِ الباطلِ] (١) (٢).

حدَّثني المثنى (٣)، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه (٢).

﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ﴾. يَقُولُ: ونَجْعَلْه يصْلَى نارَ جهنمَ، يَعْنى: نُحْرِقُه بها.

وقد بينَّا معنى الصَّلاءِ فيما مضَى (٤)، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ، ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾. يَقُولُ: وساءت جهنَّمُ مَصيرًا: موضعًا يَصيرُ إليه مَن صار إليه، ونزَلت هذه الآيةُ في الخائِنين الذين ذكَرهم اللهُ في قولِه: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ لما أبَى التوبةَ مَن أبى منهم، وهو طُعْمَةُ بنُ الأُبَيْرقِ، ولِحق بالمشركين مِن عبدةِ الأوثانِ بمكةَ مرتدًّا مفارِقًا لرسولِ اللهِ ودينِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦)﴾.


(١) في الأصل: "من الأئمة الأباطيل".
(٢) تفسير مجاهد ص ٢٩٢. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٦٦ (٥٩٦٨) من طريق ابن أبي نجيح به.
(٣) في م: "ابن المثنى".
(٤) تقدم في ٦/ ٤٥٥ ـ