للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ : يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: إِن اللَّهَ لا يَغْفِرُ لِطُعْمَةَ إِذ أَشْرَك ومات على شركِه باللهِ ولا لغيرِه مِن خلقِه شرْكَهم وكفْرَهم به، ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾. يَقُولُ: ويَغْفِرُ ما دونَ الشركِ باللهِ مِن الذنوبِ لمن يَشاءُ، يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: أن طُعْمَةً لولا أنه أشْرَك باللهِ ومات على شركِه لكان في مشيئةِ اللهِ على ما سلَف مِن خيانتِه ومعصيتِه، وكان إلى اللهِ أمرُه في عذابِه والعفوِ عنه - وكذلك حكمُ كلِّ (١) مَن اجْتَرَم جُرْمًا، فإلى اللهِ أمرُه، إلا أن يَكُونَ جُرْمُه شركًا باللهِ وكفرًا، فإنه (٢) ممن حَتْمٌ عليه أنه مِن أهلِ النارِ إذا مات على شركِه - [فأما إذا (٣) مات] (٤) مات على شركِه، فقد حرَّم اللهُ عليه الجنةَ، ومأواه النارُ.

وقال السُّديُّ في ذلك بما حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّيِّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾. يَقُولُ: مَن يَجْتَنِبُ الكبائرَ مِن المسلمين.

وأما قولُه: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾. فإنه يَعْنى: ومَن يَجْعَلْ للَّهِ في عبادتِه شريكًا، فقد ذهَب عن طريقِ الحقِّ، وزال عن قصدِ السبيلِ ذهابًا بعيدًا وزوالًا شديدًا، وذلك أنه بإشراكِه باللهِ في عبادتِه قد أطاع الشيطانَ وسلَك طريقه، وترَك طاعةَ اللهِ ومنهاجَ دينِه، فذاك هو الضلالُ البعيدُ والخُسرانُ المبينُ.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) بعده في الأصل: "أجرم".
(٣) في الأصل: "إذ".
(٤) في م: "فإذا".