للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خيرِ الدنيا المالُ وزينةُ الحياةِ الدنيا، ورُخْصُ السعرِ، ولا دَلالةَ على أنَّه عَنى بقيلِه ذلك بعضَ خيراتِ الدنيا دونَ بعضٍ، فذلك على كلِّ معانى خيراتِ الدنيا التي ذكَر أهلُ العلمِ أنهم كانوا أُوتوها، وإنما قالَ ذلك شعيبٌ؛ لأنَّ قومَه كانوا في سَعَةٍ من عيشِهم، ورخصٍ من أسعارِهم، كثيرةً أموالُهم، فقال لهم: لا تَنقُصوا الناسَ حقوقَهم فى مكاييلِكم وموازينِكم، فقد وسَّع اللهُ عليكم ورزَقَكم، ﴿وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ بمخالفتِكم أمرَ اللهِ وبخسِكم الناسَ أموالَهم في مكاييلِكم وموازينِكم، ﴿عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾. يقولُ: أَن يَنزِلَ بكم عذابُ يومٍ محيطٍ بكم عذابُه، فجعَل "المحيطَ" نعتًا لليوم، وهو [من نعتِ العذابِ] (١)؛ إذ كان مفهومًا معناه، وكان العذابُ في اليومِ، فصار كقولِهم: بعضُ (٢) جُبَّتِك متخرِّقةٌ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخبِرًا عن قيلِ شعيبٍ لقومِه: ﴿وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾. يقولُ: بالعدلِ، وذلك بأن تُوفُّوا أهلَ الحقوقِ التى هى مما يُكالُ أو يُوزنُ حقوقَهم، على ما وجَب لهم مِن التمامِ بغيرِ بخسٍ، ولا نقصٍ.

وقولُه: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾. يقولُ: ولا تَنقُصوا الناسَ حقوقَهم التي يجبُ عليكم أن تُوَفوهم، كيلًا أو وزنًا أو غيرَ ذلك.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س: "نعتا للعذاب".
(٢) سقط من: م.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "متحرقة"، وفى م: "محترقة".