للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَذامِّها (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأَوْفُوا بميثاقِ اللهِ إذا واثَقْتُموه، وعقدِه إذا عاقَدْتُموه، فَأَوْجَبْتُم به على أنفسِكم حقًّا لمن عاقَدْتُموه به، وواثقْتُموه (٢) عليه، ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾. يقولُ: ولا تُخالِفوا الأمرَ الذي تَعاقَدْتُم فيه الأيمانَ، يعنى بعدَ ما شدَدْتُم الأيمانَ على أنفسِكم، فتَحْنَثُوا في أيمانِكم، وتَكْذِبوا فيها، وتَنْقُضوها بعدَ إبرامِها، يقالُ منه: وكَّد فلانٌ يمينَه يُوَكِّدُها توكيدًا. إذا شدَّدها، وهى لغةُ أهلِ الحجازِ، وأما أهلُ نجدٍ، فإنهم يقولون: أكَّدْتُها أُؤَكِّدُها تأكيدًا.

وقولُه: ﴿وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾. يقولُ: وقد جَعَلْتُم اللهَ بالوفاءِ بما تعاقَدْتُم عليه على أنفسِكم راعيًا، يَرْعَى المُوَفِّيَ منكم بعهدِ اللهِ الذي عاهَد على الوفاءِ به والناقضَ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ على اختلافٍ بينَهم فيمَن عُنِى بهذه الآيةِ، وفيما أُنْزِلَت؛ فقال بعضُهم: عُنِى بها الذين بايَعوا (٣) رسول الله على الإسلامِ، وفيهم أُنْزِلَت.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عُمارة الأسَدىُّ، قال: ثنا عبيدُ (٤) اللهِ بنُ موسى، قال:


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٢٨، ١٢٩ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أوثقتموه".
(٣) فى ت ٢: "تابعوا".
(٤) في النسخ: "عبد". وهو خطأ، والمثبت من مصادر ترجمته وقد تقدم مرارا. وينظر تهذيب الكمال ١٩/ ١٦٤.