للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿وَرِيشًا﴾.

اخْتَلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَتُه عامةُ قرأةِ الأمصارِ: ﴿وَرِيشًا﴾. بغيرِ ألفٍ.

وذُكِر عن زِرِّ بن حُبَيْشٍ والحسنِ البصريِّ: أنهما كانا يَقْرأانه: (ورِياشًا).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا عبدُ الصمدِ بنُ عبدِ الوارثِ، عن أبانٍ العَطَّارِ، قال: حدَّثنا عاصمٌ، أن زِرَّ بنَ حبيشٍ قرَأها: (ورِياشًا) (١).

والصوابُ من القراءةِ في ذلك قراءة من قرَأة (٢): ﴿وَرِيشًا﴾. بغيرِ ألفٍ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ مِن القرأةِ عليها.

وقد رُوِى عن النبيِّ خبرٌ في إسنادِه نظرٌ، أنه قرَأه: (ورِياشًا) (٣).

فمَن قرَأ ذلك: (ورِياشًا) فإنه مُحْتَمِلٌ أن يَكونَ أراد به جمعَ الريشِ، كما يُجْمَعُ الذئبُ ذِئابًا، والبئرُ بِئارًا.

ويَحْتَمِلُ أن يَكونَ أراد به مَصْدرًا مِن قولِ القائلِ: راشَه اللَّهُ يَرِيشُه رِياشًا [ورَيْشًا] (٤) ورِيشًا. كما يقالُ: لبِسه يَلْبَسُه لِباسًا ولِبْسًا. وقد أَنْشَد بعضُهم (٥):

فلمَّا كشَفْنَ اللِّبْسَ عنه مسَحْنَه … بأطرافِ طَفْلٍ (٦) زانَ غَيْلًا (٧) مُوَشَّمَا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٧٦ إلى المصنف. وينظر قراءة الحسن في إتحاف فضلاء البشر ص ١٣٤.
(٢) في م: "قرأ"، وفى ف: "قرأها".
(٣) سيأتي تخريجه في ص ١٢٧.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٥) هو حميد بن ثور الهلالي والبيت في ديوانه ص ١٤.
(٦) الطَّفل: البنان الناعم. الصحاح (ط ف ل).
(٧) الغيل: الساعد الريان الممتلئ. الصحاح (غ ى ل).