بمخاصمتك فيها، ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبَرٌ﴾. يقولُ: ما في صُدُورِهم إلا كبرٌ يتكبرون مِن أجله عن اتباعِك وقبول الحقِّ الذي أتيتهم به؛ حسدًا منهم على الفضلِ الذي آتاك الله، والكرامة التي أكرمك بها مِن النُّبُوةِ، ﴿ما هُم بِبَالِغِيهِ﴾. يقول: الذي حسدوك عليه أمرٌ ليسوا بمدُرِكيه ولا نائليه؛ لأن ذلك فضلُ اللهِ يُؤتيه من يشاءُ، وليس بالأمر الذي يُدْرَكُ بالأمانيِّ.
وقد قيل: إن معناه: إن في صدورهم إلا عظمةٌ، ما هم يبالغى تلك العظمةِ؛ لأن الله مُذِلُّهم.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿إِن في صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾. قال: عَظَمةٌ (١).
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَدِلُونَ فِي ءَايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾. قال أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾: لم يأتِهم بذلك سلطان.
وقوله: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. يقولُ تعالى ذكره: فاسْتَجِرْ بالله يا محمد، من شرِّ هؤلاء الذين يُجادِلون في آيات الله بغيرِ
(١) تفسير مجاهد ص ٥٨٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.