للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ﴾ والآياتِ بعدَهما (١)، إلى قولِه: ﴿[وَأُولَئِكَ] (٢) لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. نَزَلَتْ في رجلٍ من يهودَ، حاوَل الإغراءَ بين الحيَّيْن من الأوسِ والخزرجِ بعدَ الإسلامِ، ليُراجِعوا ما كانوا عليه في جاهليَّتِهم من العداوةِ والبغضاءِ، فعَنَّفَهُ اللَّهُ بفعلِه ذلك، وقبَّح له ما فعَل، ووَبَّخه عليه، ووعَظ أيضا أصحابَ رسولِ اللهِ ، ونهاهم عن الافتراق والاختلافِ، وأمَرهم بالاجتماعِ والائْتلافِ.

ذكرُ الروايةِ بذلك

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، قال: ثنى الثقةُ، عن زيدِ بن أسلمَ، قال: مرَّ شَأْسُ بن قيسٍ - وكان شيخًا قد عسَا (٣) في الجاهليَّةِ، عظيمَ الكفرِ، شديدَ الضِّغْنِ على المسلمين، شديدَ الحسَدِ لهم - على نفرٍ من أصحابِ رسولِ اللَّهِ مِن الأوسِ والخزرجِ، في مجلسٍ قد جَمَعَهم يتحدَّثون فيه، فغاظَه ما رأى من جماعتِهم وأُلْفَتِهم، وصلاحِ ذاتِ بَيْنِهم على الإسلامِ، بعدَ الذي كان بينَهم من العداوةِ في الجاهليةِ، فقال: قد اجْتَمع مَلأُ بني قَيْلَةَ (٤) بهذه البلادِ، لا (٥) واللَّهِ ما لنا معهم إذا اجْتَمع مَلَؤُهم بها من قرارٍ. فأمرَ فتًى شابًّا مِن يَهودَ، وكان معه (٦)، فقال: اعمِدْ إليهم، فاجْلِسْ معهم، وذكِّرْهم يومَ بُعاثٍ وما كان قبلَه، وأَنْشِدْهم بعضَ ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعارِ. وكان يومُ بُعاتٍ يومًا اقْتَتَلَتْ


(١) في ت ١: "بعدها".
(٢) في النسخ: "فأولئك". والمثبت قراءة الآية.
(٣) في ص، ت ١: "عتا". وعسا وعتا: أسن وكبِر وولَّى. اللسان (ع ت و، ع س و).
(٤) بنو قيلة: الأنصار من الأوس والخزرج، وقيلة اسم أم لهم قديمة، وهي قيلة بنت كاهل، قضاعية، ويقال: بنت جفنة. غسانية. ينظر اللسان والتاج (ق ى ل)، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٣٣٢.
(٥) سقط من: م، ت ١، ت، ت ٣، ص.
(٦) في سيرة ابن هشام: "معهم".