للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَبِيلَهُمْ﴾. يقولُ: فَدَعُوهم يَتَصَرَّفون في أمْصارِكم، ويدخُلون البيتَ الحرامَ ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لَمَن تَابَ مِن عبادِه، فأنابَ إلى طاعتِه بعدَ الذي كان عليه مِن معصيتِه، ساتِرٌ على ذَنْبِه، رحيمٌ به أن يُعاقِبَه على ذُنُوبِه السالفةِ قبلَ توبتِه بعدَ التوبةِ.

وقد ذكرنا اختلافَ المُخْتلِفِين في الذين أُجِّلوا إلى انسلاخِ الأشهرِ الحُرُمِ.

وبنحوِ ما قُلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا عبدُ الأعْلَى بنُ واصلٍ الأسْدِيُّ، قال: ثنا عُبيدُ اللهِ بنُ موسى، قال: أخبرَنا أبو جعفرٍ الرَّازِيُّ عن الربيعِ، عن أنسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ : "مَن فَارَقَ الدنيا على الإخلاصِ للهِ وحدَه وعبادتِه لا يُشْرِكُ به شيئًا، فارَقَها واللهُ عنه راضٍ". قال: وقال أنسٌ: هو دِينُ اللهِ الذي جاءت به الرسلُ، وبلَّغُوه عن ربِّهم، قبلَ هَرْجٍ (١) الأحاديثِ واختلافِ الأهْواءِ، وتصديقُ ذلك في كتابِ اللهِ في آخرِ ما أنزَل اللهُ، قال اللهُ: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾. قال: توبتُهم؛ خَلْعُ الأوثانِ وعبادةُ ربِّهم، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، ثم قال في آيةٍ أخرى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ (٢).

حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِذَا


(١) الهرج: كثرة الكذب. التاج (هـ ر ج).
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٥٤ عن المصنف، وأخرجه أبو يعلى - كما في الدر المنثور ٣/ ٢١٣ ومن طريقه الضياء في المختارة (٢١٢٢) - وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٥٣ (٩٢٧٢)، والحاكم ٢/ ٣٣٢ من طريق عبيد الله بن موسى به، وأخرجه ابن ماجه (٧٠)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (٧ - بغية)، وابن نصر في كتاب الصلاة - كما في تفسير ابن كثير - والحاكم ٢/ ٣٣٢، والبيهقى في الشعب (٦٨٥٦)، والضياء (٢١٢٣، ٢١٢٧)، واللالكائى في شرح أصول الاعتقاد (١٥٤٩) من طريق أبي جعفر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن نصر والبزار وابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه.