للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾. مُسْتَثنًى، [وأن ﴿بَغْيًا﴾ مستثنًى، وأن كلَّ حرفٍ من ذلك مستثنًى باستثناءٍ غيرِ الاستثناءِ الآخرِ] (١)، وأن تأويلَ الكلامِ: وما اخْتَلَف فيه إلَّا الذين أُوتُوه، ما اخْتلَفوا فيه إلا بغيًا، ما اختلفوا فيه (٢) إلا مِن بعدِ ما جاءتهم البيناتُ. فكأنه كرَّر الكلامَ توكيدًا.

وهذا القولُ الثاني أشبهُ بتأويلِ الآيةِ؛ لأن القومَ لم يَخْتلِفوا إلا مِن بعدِ قيامِ الحجةِ عليهم ومجيءِ البيناتِ مِن عندِ اللَّهِ، وكذلك لم يختلِفوا إلا بغيًا. فذلك أشْبَهُ بتأويلِ الآيةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣)﴾.

يعني جل ثناؤُه بقولِه: ﴿فَهَدَى اللَّهُ﴾: فوفَّق اللَّهُ الذين آمنُوا - وهم أهلُ الإيمانِ باللَّهِ وبرسولِه محمدٍ المُصدِّقين به وبما جاء به أنه مِن عندِ اللَّهِ - لما اخْتَلَف الذين أوتوا الكتابَ فيه. وكان اختِلافُهم الذي خذَلهم اللَّهُ فيه، وهدَى له الذين آمنوا بمحمدٍ ، فوفَّقهم لإصابتهِ، الجُمُعةَ؛ ضَلُّوا عنها وقد فُرضَتْ عليهم كالذي فُرضَ علينا، فجعَلوها السبتَ، فقال : "نحن الآخِرُون السَّابِقون، بَيْدَ أنَّهم أُوتُوا الكتابَ مِن قبلِنا، وأُوتِيناه مِن بعدِهم، وهذا (٣) اليومُ الذي اخْتَلَفوا فيه، فهدانا اللَّهُ له، فلليهودِ غدًا، وللنصارَى بعدَ غدٍ".

حدَّثنا بذلك [ابنُ حُميدٍ] (٤)، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن عياضِ بنِ


(١) سقط من ت ١، ت ٢، ت ٣، وفي م: "باستثناء آخر".
(٢) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "هو".
(٤) في م: "أحمد بن حميد"، وفي ت ١: "حمد بن حميد".