للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الربيعِ، قال: ثم رجَع إلى بني إسرائيلَ في قولِه: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ﴾. يقولُ: إلا الذين أوتوا الكتابَ والعلمَ، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: بغيًا على الدنيا، وطَلَبَ مُلْكِها وزُخْرفِها وزينتِها، أيُّهم يكونُ له الملكُ والمَهابةُ في الناسِ، فبغَى بعضُهم على بعضٍ، [وضرَب] (١) بعضُهم رقابَ بعضٍ (٢).

ثم اخْتلَف أهلُ العربيةِ في ﴿مِنْ﴾ التي في قولِه: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ ما حكمُها ومعناها؟ وما المعنى [المستثْنى من] (٣) قولِه: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾؟ فقال بعضُهم: المستثنى (٤) مِن ذلك الذين (٥) أوتوا الكتابَ، وما بعدَه صلةٌ له. غيرَ أنه زعَم أن معنى الكلامِ: وما اخْتَلف فيه إلا الذين أُوتوه بغيًا بينهم مِن بعدِ ما جاءتهم البيناتُ.

وقد أنكَر ذلك بعضُهم فقال: لا مَعْنَى لما قال هذا القائلُ، ولا لتَقْديمِ البَغْيِ قبلَ ﴿مِنْ﴾؛ لأن ﴿مِنْ﴾ إن (٦) كان الجالِبُ لها البَغْيَ، فخطأٌ أن يتقدَّمَه (٧)؛ لأن البغيَ مَصْدرٌ، ولا تَتقدَّمُ صلةُ المَصدرِ عليه. وزعَم منكِرُ ذلك أن ﴿الَّذِينَ﴾ مُسْتَثْنًى،


(١) في الأصل: "يضرب".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧٧ (١٩٩٠، ١٩٩١) من طريق أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب.
(٣) في م: "المنتسق في".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "للذين".
(٦) في م: "إذا".
(٧) في م: "تتقدمه".