للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رِجَالًا نُوحِي (١) إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ [يوسف: ١٠٩]. أي: ليسوا مِن أهلِ السماءِ كما قلتم. قال: فلما كَرَّر اللَّهُ عليهم الحُجَجَ قالوا: فإذ كان بشرًا فغير محمدٍ كان أحقَّ بالرسالةِ، و ﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾. يقولون: أشرفَ مِن محمدٍ ، يَعْنون الوليدَ بنَ المغيرةِ المخزوميَّ، وكان يُسَمَّى ريحانةَ قريشٍ، هذا مِن مكةَ، ومسعودَ بن عمرِو بن عبيدِ اللَّهِ الثقفيَّ، مِن أهلِ الطائفِ، قال: يقولُ اللَّهُ ﷿ ردًّا عليهم: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾؟ أنا أفعلُ ما شئتُ (٢).

وقولُه: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. يقولُ جلَّ وعزَّ: بل نحن نقسِمُ رحمتَنا وكرامتَنا بينَ مَن شِئْنا مِن خلقِنا، فنجعَلُ مَن شِئْنا رسولًا، ومَن أرَدْنا صِدِّيقًا، ونتَّخِذُ مَن أرَدْنا خليلا، كما قسمنا بينهم معيشتهم التي يعيشون بها في حياتِهم الدنيا مِن الأرزاقِ والأقواتِ، فجعَلنا بعضَهم فيها أرفعَ مِن بعضٍ درجةً، بأن جعَلنا هذا غَنِيًّا وهذا فقيرًا، وهذا مَلِكًا وهذا مملوكًا؛ ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: قال اللَّهُ: ﴿يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾؛ فتَلْقَاه ضعيفَ الحيلةِ، عَيِيَّ اللسانِ وهو مبسوطٌ له في الرزقِ، وتَلْقَاه شديدَ الحيلةِ، بسيطَ (٣) اللسانِ


(١) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يوحى"، والمثبت قراءة حفص عن عاصم. وينظر ما تقدم ١٣/ ٣٨٠.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٩٩ إلى المصنف وابن أبي حاتم وأبى الشيخ وابن مردويه.
(٣) في م: "سليط".