للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنسٍ وعِكرمةُ ومجاهدٍ وجماعةٌ غيرُهم، وقد ذكَرنا ما قالوا من ذلك فيما مَضَى.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾.

وتأويلُ قوله: ﴿وَهُوَ قَائِمٌ﴾: فنادَته الملائكةُ في حالِ قِيامِهِ مُصَلِّيًّا. فقوله: ﴿وَهُوَ قَائِمٌ﴾ خبرٌ عن وقتِ نداء الملائكةِ زكريا.

وقوله: ﴿يُصَلِّي﴾. في موضعِ نصبٍ على الحالِ من "القيام"، وهو رَفْعٌ بالياء.

وأما المِحْرابُ، فقد بَيَّنا معناه وأنه مُقَدَّمُ المسجدِ (١).

واختلَفت القَرَأَةُ في قراءة قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ﴾؛ فقرأته عامةُ القَرَأَةِ: ﴿أَنَّ اللَّهَ﴾ بفتحِ الألفِ من ﴿أَنَّ﴾ (٢)، بوقوعِ النداءِ عليها، بمعنى: فنادَته الملائكةُ بذلك.

وقرَأه بعضُ قَرَأَةِ أهلِ الكوفةِ: (إن الله يَبْتُركَ) بكَسْرِ الألف (٣)، بمعنى: قالت الملائكةُ: إن الله يُبَشِّرُكَ. لأن النداء قولٌ، وذكروا أنها في قراءة عبدِ اللهِ: (فنادته الملائكةُ وهو قائمٌ يُصَلِّي في المِحْرابِ: يا زكريا إن الله يُبَشِّرُك) (٤). قالوا: وإذا بَطَل النداءُ أن يكون عاملًا في قوله: (يا زكريا). فباطلٌ أيضًا أن يكون عاملًا في "إنَّ".

والصوابُ من القراءة في ذلك عندنا (٥): ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ﴾ بفتح ﴿أَنَّ﴾، بوقوعِ النداء عليه، بمعنى: فَنَادَته الملائكة بذلك.


(١) ينظر ما تقدم في ص ٣٥٨.
(٢) قرأ بها عاصم والكسائي وأبو عمرو ونافع وابن كثير. السبعة لابن مجاهد ص ٢٠٥.
(٣) قرأ بها حمزة وابن عامر. المصدر السابق.
(٤) ينظر المصاحف لابن أبي داود ص ٥٩.
(٥) كلتا القراءتين صواب متواتر.