للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُ أهلِ التأويلِ يقولُ في معنى قولِه: ﴿عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾: على منازِلكم. فمعنى الكلامِ إذن: ويا قومِ اعملوا على تمَكُّنِكم من العملِ الذى تعملونَه، ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾ على تُؤَدةٍ مِن العملِ الذى أعملُه، ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أيُّنا الجانى على نفسِه المخطئُ عليها، والمصيبُ فى فعله المحسنُ (١) إلى نفسِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾.

يقولُ تعالَى ذِكرُه مخبرًا عن قيلِ نبيِّه شعيبٍ لقومِه: الذي يأتيه منا ومنكم أيُّها القومُ ﴿عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾. يقولُ: يُذِلُّه ويهينُه. ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾. يقولُ: ويُخزِى أيضًا الذى هو كاذبٌ في قيلِه وخبرِه منا ومنكم. ﴿وَارْتَقِبُوا﴾، أى انتَظِرُوا وتَفَقَّدُوا، من "الرِّقْبةِ"، يقالُ منه: رَقَبْتُ فلانًا أرقُبُه رِقبةً. وقولُه: ﴿إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾. يقولُ: إنى أيضًا ذو رِقبةٍ لذلك العذابِ معكم، وناظرٌ إليه بمَن هو نازلٌ منا ومنكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: ولما جاءَ قضاؤُنا فى قومِ شعيبٍ بعذابِنا، نجَّيْنا شعيبًا رسولَنا، والذين آمنُوا به، فصدَّقوه على ما جاءَهم به مِن عندِ ربِّهم، مع شعيبٍ، من عذابِنا الذي بَعَثْنا على قومِه، برحمةٍ مِنا له، ولمن آمَن به، واتَّبَعه على ما جاءَهم به من عندِ ربِّهم، وأخَذتِ الذين ظَلموا الصيحةُ مِن السماءِ أخمَدتْهم فأهلَكتْهم، بكفرِهم بربِّهم، وقيلَ: إنَّ جبريلَ ، صاحَ بهم صيحةً


(١) فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "المخطئ".