للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجْهَ لتكريرِه مَرَّةً أخرى، إذ لا فائدةَ في تكريرِه، ليست في ذكرِه إيّاه وخبرِه عنه ابتداءً.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤)﴾.

يَعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: إن الذين جَحَدُوا أعلامَ اللَّهِ وأدلَّتَه على توحيدِه وألوهتِه، وأن عيسى عبدٌ له، واتَّخَذُوا المسيحَ إلها وربًّا، أو ادَّعَوْه للهِ ولَدًا، لهم عذابٌ من اللهِ شديدٌ يوم القيامةِ.

و "الذين كفروا": هم الذين جحَدوا آياتِ اللَّهِ. و "آياتُ اللهِ": أعلامُ اللَّهِ وأدلّتُه وحُجَجُه.

وهذا القولُ من اللَّهِ ﷿ يُنْبِيءُ عن معنى قولِه: ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾. أنه مَعنيٌّ به الفصلُ (١) الذي هو حُجّةٌ لأهلِ الحقِّ على أهلِ الباطلِ؛ لأنه عقَّب ذلك بقولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ يعني: إن الذين جحَدوا ذلك الفصلَ والفرقانَ الذي أنزله فرقًا بينَ المُحِقِّ والمُبْطلِ، ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ وعِيدٌ من اللهِ لمن عاند الحقَّ بعدَ وُضوحِه له، وخالَف سبيلَ الهُدَى بعدَ قيامِ الحُجةِ عليه، ثم أخبَرهم أنه عزيزٌ في سلطانِه، لا يمنعُه مانعٌ ممن أراد عذابَه منهم، ولا يحولُ بينَه وبينَه حائلٌ، ولا يستطيع أن يُعاندَه فيه أحدٌ، وأنه ذو انتقامٍ ممن جحَد حُجَجَه وأدلَّتَه بعد ثبوتِها عليه، وبعد وُضوحِها له ومعرِفتِه بها.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بن إسحاق، عن محمدِ بن


(١) بعده في النسخ: "عن". ولا يستقيم بها الكلام.