للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلَف أهلُ العلمِ في السببِ الذي نزَلت هذه الآيةُ فيه؛ فقال بعضُهم: نزلت بسببِ قومٍ طَعِموا عندَ رسولِ الله في وليمةِ زينبَ بنتِ جَحْشٍ، ثم جلَسوا يتحدَّثون في منزلِ رسول الله ، وبرسول الله إلى أهلِه حاجةٌ، فمنَعه الحياءُ من أمْرِهم بالخروجِ من منزلِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عمرانُ بنُ موسى القزازُ، قال: ثنا عبدُ الوارثِ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ بنُ صُهَيبٍ، عن أنسِ بن مالكٍ، قال: بَنى رسولُ الله بزينبَ بنتِ جَحْشٍ، فَبُعِثْتُ داعيًا إلى الطعامِ، فدعوتُ، فيجئُ القومُ يأكلون ويخرُجون، ثم يجِيءُ القومُ يأكلون ويخرُجون، فقلتُ: يا نبيَّ الله قد دَعوتُ حتى ما أجِدُ أحدًا أَدْعُوه. قال: "ارفَعوا طعامَكم". وإن زينبَ الجالسةٌ في ناحيةِ البيتِ، وكانت قد أُعطِيتْ جمالًا، وبقِىَ ثلاثةُ نفَرٍ يتحدَّثون في البيتِ، وخرَج رسولُ اللَّهِ مُنطلِقًا نحوَ حجرةِ عائشةَ، فقال: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ". فقالوا: وعليك السلامُ يا رسولَ اللَّهِ، كيف وجَدتَ أهلَك؟ قال: فأتى حُجَرَ نسائِه، فقالوا مثَل ما قالت عائشةُ، فرجَع النبي ، فإذا الثلاثةُ يتحدَّثون في البيتِ، وكان النبيُّ شديدَ الحياءِ، فخرَج النبيُّ مُنطلقًا نحوَ حجرةِ عائشةَ، فلا أدرِى أخبَرتْه، أو أُخبِر أن الرهطَ قد خرَجوا، فرجَع حتى وضَع رجلَه في أُسْكُفَّةٍ (١) داخلَ البيتِ، والأخرَى خارِجَه، إِذ أَرْخَى السَّترَ بينى وبينَه، وأُنزِلت آيةُ الحجابِ (٢).

حدَّثني أبو معاويةَ بشرُ بنُ دِحيةَ، قال: ثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن أنسِ بن


(١) الأُسكفة: عتبة الباب التي يوطأ عليها. اللسان (س ك ف).
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى (١٠١٠١) عن عمران بن موسى به، وأخرجه البخاري (٤٧٩٣) من طريق عبد الوارث به.