للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (١).

[وقال آخَرون: بل قائِلو] (٢) هذه المقالةِ المنافقون، وإنما قالوا ذلك استهزاءً بالإسلامِ.

ذكرُ من قال ذلك

حَدَّثَنِي موسي، قال: حَدَّثَنَا عمرٌو، قال: حَدَّثَنَا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ، قال: لما وُجِّه النبيُّ قِبلَ المسجدِ الحرامِ، اختلَفَ الناسُ فيها فكانوا أصنافًا، فقال المنافقون: ما بالُهم كانوا على قبلةٍ زمانًا ثم ترَكوها وتوجَّهوا (٣) غيرَها؟! فأنزَل اللهُ في المنافِقين: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾. الآية كلّها (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)﴾.

يعنى جل ثناؤُه بذلك: قلْ يا محمدُ -لهؤلاء الذين قالوا لك ولأصحابِك: ما ولّاكم عن قبلتِكم من بيتِ القدسِ التى كنتم على التوجُّهِ إليها، إلى التوجُّهِ شطرَ المسجدِ الحرامِ؟ -: للهِ مُلكُ المشرقِ والمغربِ -يعنى بذلك: مُلكُ ما بينَ قُطْرَىْ مَشرِقِ الشمسِ، وقُطْرَىْ مَغرِبها، وما بينهما من العالَمِ- يَهْدى من يشاءُ من خَلْقِه فيسدِّدُه ويوفِّقُه إلى الطريقِ القويمِ، وهو الصراطُ المستقيمُ -ويعنى بذلك: إلى قبلةِ إبراهيمَ الذى جعلَه للناسِ إمامًا- ويخذُلُ من يشاءُ منهم فيضِلُّه عن سبيلِ الحقِّ.

وإنما عَنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾: قلْ يا محمدُ: إنّ اللهَ هدانا بالتوجُّهِ شطرَ المسجدِ الحرامِ لقبلةِ إبراهيمَ، وأضلَّكم أيها


(١) سيأتى بتمامه في ص ٦٣٩، ٦٤٠.
(٢) في م: "وقيل قائل".
(٣) بعده في م: "إلى".
(٤) سيأتى بتمامه في ص ٦٤٠، ٦٤١، ٦٦٨.