للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلّ ثناؤه من الأمطار من السماء، ﴿بِقَدَرٍ﴾. يقول: بمقدار حاجتكم إليه، فلم يجعله كالطوفان، فيكون عذابًا مغرقًا (١)، كالذى أنزَل على قومِ نوحٍ، ولا جعَله قليلًا لا ينبتُ به النباتُ والزرعُ من قلَّتِه، ولكنه جعَله غينًا مُغِيثًا، وحَيًّا للأرضِ الميتة مُحييًا، ﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً (٢) مَيْتًا﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: فأحيينا به بلدةً من بلادِكم ميتًا، يعنى: مُجْدِبةً لا نباتَ بها (٣) ولا زرْعَ، قد درست من الجُدُوبِ، وتعفَّت من القُحُوطِ، ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾. يقول تعالى ذكره: كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزّلناه من السماءِ مِن هذه البلدة الميتة بعد جُدُوبها وقُحُوطِها - النبات والزرع، كذلك أيُّها الناسُ تُخْرَجون من بعدِ فنائكم ومصيركم في الأرضِ رفاتًا، بالماء الذي أنزله إليها؛ لإحيائكم من بعد مماتكم - منها أحياءً كهيئتكم التي كنتم بها قبل مماتكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾: كما أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء، فكذلك تُبعثون يوم القيامة.

وقيل: أنشرنا به؛ لأن معناه: أحيينا به. ولو وصفت الأرضَ بأنها حييت، قلتَ: نَشَرَتِ الأرضُ. كما قال الأعشى (٤):


(١) سقط من: م، ت ١.
(٢) بعده في ت ٣: "من بلادكم".
(٣) في ت ٢ ت ٣: "فيها".
(٤) تقدم في ٤/ ٦١٨.