مَنْ دونَه مِن الآلهةِ والأوثانِ، أيَّ شيءٍ خلَق الذين مِن دونِه من آلهتِكم وأصنامِكم، حتى استَحَقَّت عليكم العبادةُ فعبَدتُموها من دونِه، كما استحَقَّ ذلك عليكم خالِقُكم وخالقُ هذه الأشياءِ التي عدَّدتُها عليكم.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قولَه: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾: ما ذكَر من خلْقِ السماواتِ والأرضِ، وما بثَّ من الدوابِّ، وما أنبَت من كلِّ زوجٍ كريمٍ، ﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾: الأصنامُ الذين تدعون من دونِه (١).
وقولُه: ﴿بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. يقولُ تعالَى ذكرُه: ما عبَد هؤلاءِ المشركون الأوثانَ والأصنامَ من أجلِ أنها تخلُقُ شيئًا، ولكنهم دعاهم إلى عبادتِها ضَلالُهم، وذَهابُهم عن سبيلِ الحقِّ، فهم ﴿فِي ضَلَالٍ﴾. يقولُ: فهم في جَوْرٍ عن الحقِّ، وذَهابٍ عن الاستقامةِ، ﴿مُبِينٍ﴾. يقولُ: يُبِينُ لَمَنْ تأَمَّلَه، ونظَر فيه، وفكَّر بعَقْلٍ، أنه ضلالٌ لا هدًى.