وعَلانيةً. وفي كونِ ذلك عليه مُحَرَّمًا سرًّا وعَلانيةً، ما أبان أن مَعنَى السرِّ في هذا الموضعِ غيرُ مَعْنَى إسْرارِ الرجلِ إلى المرأةِ بالمُعاهَدةِ ألا تَنْكِحَ غيرَه إذا انْقَضَت عدتُها، أو يَكونُ - إذا بَطَل هذا الوجهُ - معنى ذلك الخِطْبةَ والنكاحَ الذي وعَدَتِ المرأةُ الرجلَ ألا تَعْدُوَه إلى غيرِه، فذلك إذا كان، فإنما يَكونُ بوليٍّ وشهودٍ عَلانيةً غيرَ سرٍّ، وكيف يَجوزُ أن يُسَمَّى سرًّا وهو عَلانيةٌ لا يَجوزُ إسْرارُه؟
وفي بُطولِ هذه الأوجهِ أن تَكونَ تأويلًا لقولِه: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ بما عليه دلَّلْنا مِن الأدلةِ، وضوحُ صحةِ تأويلِ ذلك أنه بمعنى الغِشْيانِ والجِماعِ.
وإذا كان ذلك صحيحًا، فتأويلُ الآيةِ: ولا جُناحَ عليكم أيُّها الناسُ فيما عرَّضْتُم به للمُعْتَدَّاتِ مِن وفاةِ أزْواجِهن، مِن خِطْبةِ النساءِ، وذلك حاجتُكم إليهنَّ، فلم تُصَرِّحوا لهن بالنكاحِ والحاجةِ إليهن، إذ أكْنَنْتُم في أنفسِكم فأسْرَرْتُم حاجتَكم إليهن وخِطْبتَكم إياهن في أنفسِكم، ما دُمْن في عِدَدِهنَّ، علِم اللَّهُ أنكم ستَذْكُرون خِطبتَهن وهن في عِدَدِهن، فأباح لكمُ التَّعْريضَ بذلك لهن، وأسْقَط الحرَجَ عما أضْمَرَتْه نفوسُكم - حُكمٌ (١) منه - ولكن حرَّم عليكم أن تُواعِدوهن جِماعًا في عِدَدِهن؛ بأن يقولَ أحدُكم لإحْداهن في عدَّتِها: قد تزَوَّجْتُكِ في نفسي، وإنما أَنْتَظِرُ انْقضاءَ عدتِك. فيَسْأَلُها بذلك القولِ إمكانَه مِن نفسِها الجماعَ والمباضَعةَ، فحرَّم اللَّهُ تعالى ذكرُه ذلك.
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾.
قال أبو جعفرٍ: ثم قال تعالى ذكرُه: ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾. فاسْتَثْنَى القولَ المعروفَ مما نهَى عنه مِن مُواعَدةِ الرجلِ المرأةَ السرَّ، وهو مِن غيرِ