للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرضُ، فأَخْرِجُوا عنكم هذا التابوتَ. قالوا: بآيةِ ماذا؟ قال: بآيةِ أنكم تأتون ببقَرَتَين صَعْبَتين (١) لم تَعْمَلا عملًا قطُّ، فإذا نظَرَنا إليه وضَعَتا أعناقَهما للنِّيرِ حتى يُشَدَّ عليهما، ثم يُشَدُّ التابوتُ على عَجَلٍ، ثم يُعَلَّقُ على البقرتَين، ثم تُخَلَّيان، فتَسيران حيثُ يريدُ اللهُ أن يبلِّغهما. ففَعَلوا ذلك، ووَكَّل الله بهما أربعةً من الملائكةِ يسوقونهما، فسارت البقرتان سيرًا سريعًا، حتى إذا بلَغَتا طَرْفَ القُدْسِ، كَسَرَتا نيرهما، وقَطَعَنا حِبالَهما، وذهَبَتا، فنزل إليهما داودُ ومَن معه، فلما رأى داودُ التابوتَ، حَجَلَ إليه فَرَحًا به. فقلنا لوَهْبٍ: ما: حَجَل إليه؟ قال: شَبيهٌ بالرَّقْصِ. فقالت له امرأتُه: لقد خَفِفْتَ حتى كاد الناسُ يَمْقُتونك لِما صنَعتَ. قال: أتُبَطِّئِينى عن طاعةِ ربِّي، لا تكُونين لى زوجةً بعدَ هذا. ففارقها (٢).

وقال آخرون: بل التابوتُ الذي جعله الله آيةٌ لمُلْكِ طالوتَ كان في البَرِّيَّة، وكان موسى خلَّفَه عند فتاه يُوشَعَ، فحملَته الملائكة حتى وضَعَته في دارِ طالوتَ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ الآية: كان موسى ترَكه عند فتاه يُوشَعَ بن نُونٍ، وهو بالبَرِّيَّةِ، وأقبلت به الملائكةُ تحمِلُه حتى وضَعَته في دارِ طالوتَ، فأصبح في دارِه (٣).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ


(١) صعبتين: صعبتا الانقياد. تاج العروس (ص ع ب).
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٩٩، ١٠٠، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٨/ ٢٨.
(٣) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ١٦٩.