للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن الطعامِ كذا وكذا مِن ألوانِ الطبيخِ والشِّواءِ والحلوى. فيقولُ المَقولُ له ذلك: هذا طعامي في منزلي. يعني بذلك أن النوعَ الذي ذكَر له صاحبُه أنه أعدَّه له من الطعامِ هو طعامُه، [لا أن] (١) أعيانَ ما أَخْبَره صاحبُه أنه قد أعدَّه له هو طعامُه، بل ذلك مما لا يجوزُ لسامعٍ سمِعه يقولُ ذلك أن يتوهَّمَ أنه أراده أو قصَده؛ لأن ذلك خلافُ مَخرجِ كلامِ المتكلمِ، وإنما يُوجَّهُ كلامُ كلِّ متكلمٍ إلى المعروفِ في الناسِ من مخارجِه دونَ المجهولِ من معانيه، فكذلك ذلك في قولِه: ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ إذ كان ما كانوا رُزقوه من قبلُ قد فنِي وعُدِم، فمعلومٌ أنهم عَنَوا بذلك: هذا من النوعِ الذي رُزقنا من قبلُ، ومن جنسِه في التسمياتِ (٢) والألوانِ. على ما قد بيَّنا من القولِ في ذلك في كتابِنا هذا (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾.

والهاءُ في قولِه: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ عائدةٌ على الرزقِ، فتأويلُه: وأُتُوا بالذي رُزقوا من ثمارِها متشابهًا.

وقد اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في تأويلِ التشابهِ (٤) في ذلك، فقال بعضُهم: تشابهُه أن كلَّه خِيارٌ لا رَذْلَ فيه.


(١) في الأصل: "إلا أن"، وفي م: "لأن".
(٢) في ص: "السمات".
(٣) بعده في ر، م، ت ١، ت ٢: "وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى قوله: (وأتوا به متشابهًا) أنه متشابه في الفضل: أي كل واحد منه له من الفضل في نحوه مثل الذي للآخر في نحوه. قال أبو جعفر: وليس هذا قولًا نستجيز التشاغل بالدلالة على فساده لخروجه عن قول جميع علماء أهل التأويل. وحسب قول بخروجه عن قول أهل العلم دلالة على خطئه"، وفي ت ١، ت ٢: " أن كل" بدلٌ من: "أي كل" وسيأتي في مكانه الصحيح في ص ٤١٨.
(٤) في ص، م: "المتشابه".