للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بآياتي، واستكبرت عن قَبولها واتَّباعِها، ﴿وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. يقولُ: وكنتَ ممن يعملُ عملَ الكافرين، ويستنُّ بسنتِهم، ويتبعُ منهاجَهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: يقولُ اللهُ ردًّا لقولِهم، وتكذيبًا لهم - يعني لقولِ القائلين: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾. والصنفِ الآخرِ - ﴿قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي﴾ الآية (١).

وبفتحِ الكافِ والتاءِ من قولِه: ﴿قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ﴾ على وجهِ المخاطبةِ للذكورِ، قرأه القرأةُ في جميعِ أمصارِ الإسلامِ. وقد رُوِي عن رسولِ اللهِ ، أنه قرَأ ذلك بكسرِ جميعِه، على وجهِ الخطابِ للنفسِ، كأنه قال: أن تقولَ نفسٌ: يا حسرتا على ما فرَّطتُ في جنبِ اللهِ. بلى قد جاءتكِ أَيُّها النفسُ آياتي، فكذَّبتِ بها. أجرى الكلامَ كلَّه على النفسِ، إذ كان ابتداءُ الكلامِ بها جرى، والقراءةُ التي لا أستجيزُ خلافَها، ما جاءت به قرأةُ الأمصارِ مُجْمِعةً عليه به، نقلًا عن رسولِ اللهِ ، وهو الفتحُ في جميعِ ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ويومَ القيامَةِ تَرَى يا محمدُ، هؤلاء الذين كَذَبوا على اللهِ من قومِك، فزعَموا أنَّ له ولدًا، وأنَّ له شركاءَ (٢)، وعبَدُوا آلهةً وعبدوا آلهة من دونِه،


(١) وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣٣ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "شريكا".