للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء المؤمنون، أما حسنةُ الدنيا فالمالُ، وأما حسنةُ الآخرةِ فالجنةُ (١).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندي أن يقالَ: إن اللَّهَ جل ثناؤُه أخبَر عن قومٍ من أهلِ الإيمانِ به وبرسولِه، ممن حجَّ بيتَه، أنهم (٢) يَسألُون ربَّهم الحسنةَ في الدنيا، والحسنةَ في الآخرةِ، وأن يَقِيَهم عذابَ النارِ. وقد تَجْمَعُ الحسنةُ من اللَّهِ ﷿ العافيةَ في الجسمِ والمعاشِ والرزقِ، وغيرِ ذلك، والعلمَ والعبادةَ. وأما في الآخرةِ فلا شكَّ أنها الجنةُ؛ لأن مَن لم يَنَلْها يومَئذٍ، فقد حُرِم جميعَ الحسناتِ، وفارَقَ جميعَ معانِي العافيةِ.

وإنما قلْنا: إن ذلك أَوْلَى التأويلاتِ بالآيةِ؛ لأن اللَّهَ ﷿ لم يَخْصُصْ بقولِه مُخْبِرًا عن قائلِ ذلك من معاني الحسنةِ شيئًا، ولا نَصَب على خصُوصِه دَلالةً دالَّةً على أن المرادَ من ذلك بعضٌ دونَ بعضٍ، فالواجبُ من القولِ فيه ما قلنا، من أنه لا يجوزُ أن يُخَصَّ من معاني ذلك شيءٌ، وأن يُحْكَمَ له (٣) بعمومِه على ما عمَّه اللَّهُ.

وأما قولُه: ﴿وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. فإنه يَعني بذلك: اصْرِفْ عنّا عذابَ النارِ. يقالُ منه: وَقَيْتُه كذا أَقِيه وِقايةً ووَقايةً (٤)، ووِقاءً ممدودًا. ورُبَّما قالوا: وقَاك اللَّهُ وَقْيًا. إذا دافعتَ عنه أذًى أو مكروهًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٢٠٢)﴾.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٣٤ إلى المصنف.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: "واقية".