للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أَخبَرَنَا عُبَيْدٌ، قال: سمعتُ الضحَّاك يقولُ في قوله: ﴿إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾: اقْتَرعوا بأقلامِهم أيُّهم يَكْفُلُ مريمَ، فقرَعهم زكريا.

حدَّثنا محمدُ بنُ سِنانٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الحَنَفِيُّ، عن عبَّادٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ﴾. قال: حيثُ اقترَعوا على مريمَ، وكان غيبًا عن محمدٍ حين أخبرَه الله.

وإنما قيل: ﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾. لأن إلقاءَ المستهمين أقلامَهم على مريمَ إنما كان لِيَنْظُروا أيُّهم أوْلَى بكفالتِها وأحقُّ. ففى قولِه ﷿: ﴿إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ﴾. دَلالةٌ على محذوفٍ من الكلامِ، وهو: لينظُروا أَيُّهم يَكْفُلُ، ولِيَتَبَيَّنوا ذلك ويَعْلَموه.

فإن ظنَّ ظانٌّ أن الواجبَ في ﴿أَيُّهُمْ﴾ النصبُ، إذ كان ذلك معناه، فقد ظنَّ خطأً، وذلك أن النظرَ والتبيُّنَ والعلمَ مع "أيّ" يَقْتَضِى استفهامًا واستخبارًا، وحظُّ "أي" في الاستخبار الابتداءُ، وبُطولُ عمَلِ المسألةِ والاستخبارِ عنه. وذلك أن معنى قولِ القائلِ: لأَنْظُرَنَّ أَيُّهم قام: لأَسْتَخْبِرَنَّ الناسَ أيُّهم قام. وكذلك قولُهم: لأَعْلَمَنَّ.

وقد دَلَّلنا فيما مضَى قبلُ أن معنى "يَكْفُلُ": يَضُمُّ، بما أَغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضع (١)

القولُ في تأويل قولِه: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)﴾.


(١) ينظر ما تقدم في ص ٣٤٥ وما بعدها.