للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن سَوَّمهم تلك السِّيما.

والسِّيما: العلامةُ، يقالُ: هي سيما حسنةٌ، وسِيمياءُ حسنةٌ. كما قال الشاعرُ (١):

غُلامٌ رَماه اللهُ بالحُسْنِ يافِعًا … له سِيمِيَاءٌ لا تَشُقُّ على البَصَرْ

يعنى بذلك: علامةٌ مِن حُسْنٍ. فإذا أَعْلَمَ الرجلُ نفسَه (٢) بعلامةٍ يُعْرَفُ بها في حربٍ أو غيرِها، قيل: سَوَّم نفسَه. فهو يُسَوِّمُها تَسْوِيمًا.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه: وما جعَل اللهُ وعدَه إياكم ما وعَدكم، من إمدادِه إياكم بالملائكةِ الذين ذكَر عددَهم ﴿إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ﴾. يعنى بُشْرَى يُبَشِّرُكم بها. ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ﴾. يقولُ: وكى تَطْمَئِنَّ بوعدِه الذى وعَدكم من ذلك قلوبُكم، فتَسْكُنَ إليه، ولا تَجْزَعَ من كثرةِ عددِ عدوِّكم، وقلةِ عددِكم. ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. يعنى: وما ظَفَرُكم إن ظَفِرْتم بعدوِّكم إلا بعونِ اللهِ، لا من قِبَلِ المَدَدِ الذى يأتيكم من الملائكةِ. يقولُ تعالى ذكرُه: فعلى اللهِ فتوكَّلوا، وبه فاستَعِينوا، لا بالجموعِ وكثرةِ العددِ، فإنَّ نَصْرَكم إن كان، إنما يكونُ باللهِ وبعونِه، و (٣) معكم من ملائكتِه خمسةُ آلافٍ، فإنه إلى أن يكونَ ذلك بعونِ اللهِ وبتقويتِه إياكم على عدوِّكم -وإن كان معكم من البَشَرِ جموعٌ كثيرةٌ- أَخْرَى (٤)، فاتَّقوا اللهَ واصبِروا على جهادِ عدوِّكم، فإن اللَّهَ ناصِرُكم عليهم.

كما حدَّثنا محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا


(١) تقدم في ٥/ ٢٧.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "غيره".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أخرى".