للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على غيرِ ذلك، لَما كان للأمرِ والنهْىِ معنًى مفهومٌ، فالسحرُ مما قد نهَى عبادَه من بنى آدمَ عنه، فغيرُ منكَرٍ أن يكونَ جلّ ثناؤُه علَّمه الملَكَين اللذين سمَّاهما في تنزيلِه، وجعَلهما فتنةً لعبادِه من بنى آدمَ، كما أخبرَ عنهما أنهما يقولان لمَن يَتعلَّمُ ذلك منهما: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾. ليَختَبِرَ بهما عبادَه الذين نهاهم عن التفريقِ بينَ المرءِ وزوجِه، وعن السحرِ، فيمحِّصَ المؤمنَ بترْكِه التعلُّمَ منهما، ويُخزِىَ الكافرَ بتعلُّمِه السحرَ والكفرَ منهما، ويكونُ المَلَكان في تعليمِهما مَن علَّما ذلك، للهِ مُطِيعَين، إذ كانا عن إذنِ اللهِ لهما بتعليمِ ذلك من علَّماه يُعلِّمان، وقد عُبِد من دونِ اللهِ جماعةٌ من أولياءِ اللهِ، فلم يكنْ ذلك لهم ضائرًا، إذ لم يكنْ ذلك بأمرِهم إياهم به، بل عُبِد بعضُهم والمعبودُ عنه نَاهٍ، فكذلك المَلَكان غيرُ ضائرِهما سحرُ مَن سحَر ممن تعلَّم ذلك منهما بعدَ نهْيِهما إياه عنه، وعظَتِهما له بقولِهما: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾. إذ كانا قد أدَّيَا ما أمِرا به بقيلِهما ذلك.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن عوفٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾. إلى قولِه: ﴿فَلَا تَكْفُرْ﴾. [قال: قولُه: ﴿فَلَا تَكْفُرْ﴾] (١): أُخِذ عليهما ذلك (٢).

ذكرُ بعضِ الأخبارِ التى [جاءت في شأْنِ] (٣) الملَكين [وأمرِهما] (١)، ومَن قال: إن هاروتَ وماروتَ هما الملَكان اللذان ذكَر اللهُ في قولِه: ﴿[وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ] (١) بِبَابِلَ﴾.


(١) سقط من: م ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٩٢ (١٠١١) من طريق عباد بن منصور، عن الحسن نحوه مطولا.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في بيان".