للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾. يقولُ: ألم يَعِدْكم ربُّكُم أَنَّه غفَّارٌ لمن تاب وآمَن وعمل صالحًا ثم اهْتَدى؟ ويَعِدْكم جانبَ الطورِ الأيمنَ، ويُنَزِّلْ علَيكم المنَّ والسَّلوى؟ فكان ذلك وعبد الله الحسن بني إسرائيل الذي قال لهم موسى : ألم يَعِدُكُموه ربُّكم؟

وقولُه: ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. يقولُ: أفطال عليكم العهدُ بي، وبجميل نعم الله عندكم، وأياديه لدَيْكُم؟ ﴿أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. يقولُ: أم أردتُم أن يجب عليكُم غضبٌ من ربِّكم فتَسْتَحِقُّوه بعبادتكم العجل وكفركم باللهِ؟ ﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾. وكان إخلافُهم موعدَه، عُكوفَهم على العجل، وتَرْكَهم السيرَ على أَثَرِ موسى للمَوعِدِ الذي كان الله ﷿ وعدَهم، وقولَهم لهارون إذ نهاهم عن عبادة العجلِ، ودعاهم إلى السير معه على أثر موسى: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾ [طه: ٩١].

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (٨٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال قومُ موسى لموسى: ﴿مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ﴾. يعنون بموعِدِه عهدَه الذي كان عَهِدَه إِلَيْهم.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿مَوْعِدَكَ﴾. قال: عَهْدِى (١).


(١) تفسر مجاهد ص ٤٦٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.