للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ محمدَ بنَ القاسمِ هذا كان ختَنَ عبدِ اللَّهِ بن بُسرٍ (١).

وقال آخرون في ذلك بما حدَّثنا إسماعيلُ بنُ موسى الفَزَارِيُّ، قال: أخبرَنا عمرُ بن شاكرٍ، عن ابن سيرينَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ : "القرنُ أربعونَ سنَةً" (٢).

وقولُه: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ﴾. أُدْخِلت الباءُ في قولِه: ﴿بِرَبِّكَ﴾. وهو في محلِّ رفعٍ؛ لأن معنى الكلامِ: وكفاك ربُّك، وحَسْبُك ربُّك، بذنوبِ عبادِه خبيرًا. دَلالةً على المدحِ، وكذلك تَفْعَلُ العربُ في كلِّ كلامٍ كان بمعنى المدحِ أو الذمِّ، تُدْخِلُ في الاسمِ الباءَ، والاسمُ المُدْخَلَةُ عليه الباءُ في موضعِ رفعٍ، لتَدلَّ بدخولِها على المدحِ أو الذمِّ، كقولِهم: أكرِمْ به رجلًا، وناهيك به، رجلًا، وجاد بثوبِك ثوبًا، وطاب بطعامِكم طعامًا. وما أشبَه ذلك من الكلامِ، ولو أُسْقِطَت الباءُ مما دخَلَت فيه من هذه الأسماءِ رُفِعَتْ؛ لأنها في محلِّ رفعٍ، كما قال الشاعرُ (٣):

ويُخْبرُنِى عَن غائبِ المَرْءِ هَدْيُهُ … كَفَى الهَدَىُ عَمَّا غَيَّبَ المَرَّءُ مُخْبِرًا فأما إذا لم يَكُنْ في الكلامِ مدحٌ أو ذمٌّ فلا يُدْخِلُون في الاسمِ الباءَ، لا يجوزُ أن يُقالَ: قام بأخيك. وأنت تُرِيدُ: قام أخوك. إلا أن تُرِيدَ: قام رجلٌ آخرُ به. وذلك معنًى غيرُ المعنى الأوّل.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: مَن كان طلُبه الدنيا العاجلةَ، ولها يَعمَلُ ويَسْعَى، وإِيَّاها


(١) في ت ١، ف: "بشير"، وفي ت ٢: "بشر".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٨٢ إلى المصنف.
(٣) معاني القرآن للفراء ١/ ١١٩، واللسان (غ ى ب)، ونسبه في اللسان (هـ د ى) إلى زيادة بن زياد العدوى.