للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان غيرُه مِن أهلِ العلمِ بالعربيةِ (١) يُنكِرُ ذلك ويقولُ: لم نجدِ الرجاءَ بمعنى الخوفِ في كلامِ العربِ إلا إذا قارَنه الجَحْدُ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٣٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فَكَذَّب أَهلُ مَدينَ شُعَيبًا فيما أَتاهم به عن اللَّهِ مِن الرسالةِ، فأَخَذَتْهم رَجْفَةُ العذابِ، ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ جُثُومًا بعضُهم على بعضٍ؛ مَوْتَى.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾. أى: مَيِّتِين (٣)

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: واذكُروا أيُّها القومُ عادًا وثمودَ وقد تَبَيَّن لكم من مساكِنِهم خَرابُها وخَلاؤُها منهم بوقائعِنا بهم، وحلولِ سَطوتِنا بجميعِهم، ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾. يقولُ: وحَسَّنَ لهم الشيطانُ كفرَهم باللهِ، وتكذيتهم رُسُلَه، ﴿فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾. يقولُ: فرَدَّهم بتَزْيينِه لهم ما زَيَّنَ مِن الكفرِ عن سبيلِ اللهِ، التى هى الإيمانُ به ورسلِه، وما جاءوهم به مِن عندِ


(١) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٢٨٦.
(٢) فى ت ١: "الحجة".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٦٠ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ١٤٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.