حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: سألتُ أبا بشرٍ عن المحرمِ يأكُلُ مما صاده حلالٌ. قال: كان سعيدُ بنُ جبيرٍ ومجاهدٌ يقولان: ما صيد قبلَ أن يُحْرِمَ أكَل منه، وما صِيد بعد ما أَحْرم لم يأكُلْ منه.
حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا ابن جريجٍ، قال: كان عطاءٌ يقولُ إذا سُئِل في العلانيةِ: أيأكُلُ الحرامُ الوَشِيقةَ والشيءَ اليابسَ؟ يقولُ بينى وبينَه: لا أستطيعُ أن أُبيِّنَ لك في مجلسٍ؛ إِن ذُبِح قبلَ أن تُحْرِمَ فَكُلْ، وإلا فلا تَبِعْ لحمَه ولا تَبْتَعُ.
وقال آخرون: إنما عَنَى اللهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾: وحرِّم عليكم اصطيادُه. قالوا: فأما شراؤُه من مالكٍ يَمْلِكُه وذبحُه وأكلُه بعدَ أن يكونَ مِلْكُه إيَّاه على غيرِ وجهِ الاصطيادِ له، وبيعُه وشراؤُه جائزٌ. قالوا: والنهيُ من اللهِ تعالى ذكرُه عن صيدِه في حالِ الإحرامِ دونَ سائرِ المعانى.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنُ شَبُّويَه، قال: ثنا ابن أبي مريمَ، قال: ثنا يحيى بنُ أيوبَ، قال: أخبرني يحيى، أن أبا سَلَمَةَ اشترى قطًا وهو بالعَرْجِ وهو محرمٌ، ومعه محمدُ بنُ المُنْكدرِ، فأكلَها (١)، فعاب عليه ذلك الناسُ.
والصوابُ في ذلك من القولِ عندَنا أن يقالَ: إن الله تعالى ذكرُه عمَّ تحريمَ كلِّ معاني صيدِ البرِّ على المحرمِ في حالِ إحرامِه، من غيرِ أن يَخُصَّ من ذلك شيئًا دونَ شيءٍ، فكلُّ معاني الصيدِ حرامٌ على المحرمِ ما دام حرامًا؛ بيعه وشراؤُه واصطيادُه وقتلُه، وغيرُ ذلك من معانيه، إلا أن يجدَه مذبوحًا قد ذبَحه حلَالٌ لحلالٍ، فيحِلُّ له