وحلائلُ أبنائكم الذين ولدتموهم، دون حلائل أبنائكم الذين تَبَنَّيتُموهم.
كما حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريجٍ، قال: قلتُ لعطاء: قوله: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾؟ قال: كنَّا نَتَحَدَّثُ - والله أعلم - أنها نزلت في محمدٍ ﷺ حين نكح امرأة زيد بن حارثة، قال المشركون في ذلك، فنزلت: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾. ونزلت: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤]، ونزَلت: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ (١)[الأحزاب: ٤٠].
وأمَّا قولُه: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾. فإن معناه: وحُرِّم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح. فـ ﴿وَأَنْ﴾ في موضع رفعٍ، كأنه قيل: والجمع بين الأختين. ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾: لكن ما قد مضى منكم، فإن الله كان غفورًا لذنوب عباده، إذا تابوا إليه منها، رحيمًا بهم فيما كلَّفهم من الفرائض، وخفَّف عنهم فلم يُحَمِّلْهم فوق طاقتِهم.
يُخْبِرُ بذلك جل ثناؤه أنه غفورٌ لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته، وقبل تحريمه ذلك، إذا اتَّقى الله ﵎ بعد تحريمه ذلك عليه، فأطاعه باجتنابه، رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خلقه.
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾.
يعنى بذلك جل ثناؤه: حُرِّمت عليكم المحصنات من النساء إلا ما ملكت
(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٨٣٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩١٣ (٥٠٩٦) من طريق ابن جريج به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٣٦ إلى ابن المنذر.