للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: (فَنُنْجى مَنْ نَشاءُ)؛ فننجِّى الرسلَ ومَنْ نشَاءُ، ﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾؛ وذلك أن الله بعثَ الرسلَ فدعَوا قومَهم، وأخبَروهم أنه من أطاع نجَا، ومن عصَاه عُذِّب وغَوَى (١).

وقولُه: ﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾. يَقُولُ: ولا تُرَدُّ عقوبتُنا وبطشُنا بمن بطَشْنا به من أهلِ الكفرِ بنا، عن القومِ الذين أجرَموا فكَفروا باللهِ، وخالَفوا رسلَه، وما أتَوهم به من عندِه.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: لقد كان في قصصِ يوسفَ وإخوتِه عِبرةٌ لأهلِ الحِجا والعقولِ، يعتبِرون بها، وموعظةٌ يتعِظون بها، وذلك أن الله جلَّ ثناؤُه بعدَ أن أُلقِى يوسفُ في الجبِّ ليَهْلِكَ، ثم بِيع بَيعَ العبيدِ بالخسيسِ من الثمنِ، وبعدَ الإسارِ والحبسِ الطويلِ ملَّكه، مصرَ، ومكَّن له في الأرضِ، وأعلَاه على مَن بغاه سوءًا من إخوتهِ، وجمَع بينَه وبينَ والديه وإخوتِه بقدرتِه، بعد المدّةِ الطويلةِ، وجاء بهم إليه من الشُّقَّةِ النائيةِ (٢) البعيدةِ، فقال جلَّ ثناؤُه للمشركين من قريشٍ، من قومِ نبيِّه محمدٍ : لقد كان لكم أيُّها القومُ في قَصَصِهم عبرةٌ لو اعتبَرتم به؛ إن الذي فعَل ذلك بيوسفَ وإخوتِه لا يَتَعَذَّرُ عليه أن (٣) يفعلَ مثلَه بمحمدٍ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢١٢، ٢٢١٣ (١٢٠٦٨، ١٢٠٦٩) من طريق محمد بن سعد به.
(٢) في ص: "الثابتة".
(٣) سقط من: ص، س، ف.