للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرْثَ الْآخِرَةِ (١) نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا﴾ الآيةِ، يقولُ: مَن آثَر دنياه على آخرته، لم نَجعَل (٢) له نصيبًا في الآخرة إلا النارَ، ولم نَزِدْه بذلك مِن الدنيا شيئًا، إلا رزقًا قد فُرِغ منه، وقُسِم له (٣).

حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾. قال: مَن كان يُرِيدُ الآخرة وعملها نَزِدْ له في عمله، ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ إلى آخرِ الآيةِ، قال: مَن أراد الدنيا وعملَها آتَيْناه منها، ولم نَجْعَل له في الآخرةِ من نصيبٍ. الحرثُ: العملُ، مَن عمِل للآخرةِ أعطاه اللهُ، ومَن عمل للدنيا أعطاه اللهُ.

حدَّثني محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّى قولَه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾. قال: مَن كان يُرِيدُ عمل الآخرةِ نَزِدْ له في عملِه، [ومن كان يُريدُ عمل الدنيا نُؤتِه (٤) منها] (٥)، ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ [مِنْ نَصِيبٍ] (٦)﴾. قال: للكافرِ عذابٌ أليمٌ.

القول في تأويلِ قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أم لهؤلاء المشركين باللهِ شركاءُ في شركِهم وضَلالتهم، ﴿شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ﴾. يقولُ: ابْتَدَعوا لهم من الدينِ ما لم يُبِح اللهُ لهم ابتداعَه، ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ


(١) بعده في الأصل: "أي عمل الآخرة".
(٢) في الأصل: "يجعل الله".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٤) في ت ١: "يؤته".
(٥) سقط من: ص، ت ٢، ت ٣، وفى م: "قوله".
(٦) سقط من: الأصل.