للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يَقُولَ النَّاسُ مُمَّا رأَوْا … يا عجبا للْمَيِّتِ النَّاشِرِ

وقوله: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا﴾. يقول تعالى ذكره: والذي خلق كلَّ شيءٍ فزوَّجه؛ بأن خلق للذكور (١) من الإناث أزواجًا، وللإناث (٢) من الذكور أزواجًا، ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ﴾. وهى السفن، ﴿وَالْأَنْعَامِ﴾. وهى البهائم، ﴿مَا تَرْكَبُونَ﴾. يقولُ: جعَل لكم من السفن ما تركبونه في البحار، إلى حيث قصدتم واعتمدتم في سيركم فيها لمعايشكم ومطالبكم، ومن الأنعام ما تركبونه في البرِّ، إلى حيث أرَدتم من البُلدانِ؛ كالإبل والخيل والبغال والحمير.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)﴾.

يقول جلَّ ثناؤه: كي تستووا على ظهور ما تركبون.

واختلف أهل العربية في وجهِ توحيدِ الهاء في قوله: ﴿عَلَى ظُهُورِهِ﴾ وتذكيرها؛ فقال بعض نحويِّى البصرة: تذكيرُه يجوز (٣) على ﴿مَا تَرْكَبُونَ﴾، وما هو مذكرٌ، كما تقولُ: عندى من النساءِ من يوافقُك ويسرُّك. وقد تُذكَّرُ الأنعام وتؤنَّثُ، وقد قال في موضعٍ آخرَ: ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ [النحل: ٦٦]. وقال في موضعٍ آخر: ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهَا﴾ [المؤمنون: ٢١].

وقال بعضُ نحويِّى الكوفة (٤): أُضِيفَتِ "الظهورُ" إلى الواحد؛ لأن ذلك


(١) في ص، م، ت ١: "الذكور"، وفى ت ٢، ت ٣: "من الذكور".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الإناث".
(٣) سقط من: ت ١، ت ٣، وفى م: "يعود".
(٤) معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٨.