للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإني أيُّها (١) الموسِعُ، الذي قبَضتُ الرزقَ عمن ندبتُك إلى معونَتِه وإعطائِه؛ لأبتلِيَه بالصبرِ على ما ابْتَلَيْتُه به، والذي بسَطْتُ عليك لأمتحنَك بعمَلِك فيما بسَطتُ عليك، فأنظرَ كيف طاعتُك إيَّايَ فيه، فأُجازِىَ كلَّ واحدٍ منكما (٢) على قدرِ طاعتِكما لي فيما ابتَلَيْتُكما فيه، وامْتَحَنْتُكما به مِن غِنًى وفاقةٍ، وسَعَةٍ وضيقٍ، عندَ رُجوعِكما إليَّ في آخِرَتِكما ومصيرِ كما إليَّ في مَعادِكما.

وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قال من بلَغنا قولُه مِن أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ الآية. قال: علم أن في من يُقَاتِلُ في سبيلِه مَن لا يَجدُ قوةً، وفى من لا يُقَاتِلُ في سبيلِه [من يَجِدُ غِنًى] (٣)، فندَب هؤلاءِ فقال: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾. قال: يَبْسُطُ عليك وأنت ثَقِيلٌ عن الخُروجِ لا تُرِيدُه، وقبَض عن هذا وهو يَطِيبُ نفسًا بالخُروجِ ويَخِفُّ له، فقوِّه مما في يَدِكَ يَكُنْ لك في ذلك حَظٌّ.

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)﴾.

يَعْنى تعالى ذكرُه بذلك: وإلى اللهِ معادُكم أيها الناسُ، فاتَّقُوا الله في أنفسِكم أن تُضَيِّعوا فرائضَه وتَتَعدَّوا حُدودَه، وأن يعمَلَ مَن بُسِطَ عليه منكم في رِزْقِه بغيرِ ما أَذِن له بالعملِ فيه ربُّه، وأن يَحْمِلَ المُقْتِرَ منكم، فقُبِض عنه رِزقُه، إقتارُه على


(١) في م: "أنا".
(٢) في ص، ت ١: "منكم".
(٣) سقط من: ص، س.