للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُعْلَمُ حقيقتُه وصحتُه، بل يعلمُ اللَّهُ أن ذلك خلافُ ما تقولون (١)، وأنها لا تشفعُ لأحدٍ، ولا تنفع ولا تضر، ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. يقولُ: تَنْزِيهًا لِلَّهِ وعُلُوًّا عما يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادته (٢) ما لا يضرُّ ولا ينفعُ، وافترائِهم عليه الكذبَ.

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما كان الناسُ إلا أهلَ دينٍ واحدٍ وملةٍ واحدةٍ، ﴿فاختلفوا﴾ في دينِهم، فافْتَرَقَت بهم السُّبُلُ في ذلك، ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾. يقولُ: ولولا أنه سبَق مِن اللَّه، أنه لا يُهْلِكُ قومًا إلا بعدَ انقضاء آجالِهم، ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾، يقولُ: لقُضِيَ بينَهم بأن يُهْلِكَ أهل الباطلِ منهم، ويُنجِّىَ أهلَ الحقِّ.

وقد بَيَّنَّا اختلاف المختلفين في معنى ذلك في "سورةِ البقرة"، وذلك في قولِه: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: ٢١٣] وبينا الصوابَ من القولِ فيه بشواهدِه، فأغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٣).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا﴾ حِينَ قتَل أحدُ ابنَى (٤) آدم أخاه (٥).


(١) في ص، ف: "يقولون".
(٢) في م: "عبادة".
(٣) تقدم في ٣/ ٦٢٠ - ٦٢٧.
(٤) في ت ١، ت ٢، س: "بني".
(٥) تفسير مجاهد ص ٣٨٠، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٣٧.